دون شك في إن مصير اليمن ووحدته ومستقبله.. بل ومستقبل المنطقة يتوقف على قدرة اليمنيين على مغادرة ماضيهم ألصراعي، السياسي والمجتمعي - ألمناطقي والعشائري، الفئوي والجهوي بل والطائفي – أكانت الطائفية دينية أم طبقية مجتمعية!!
دون مغادرة تلك الموروثات ومواجهة حقائقها التي لم تؤخذ بالجدية الكافية خلال الفترة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني من قبل مختلف الأطراف المشاركة كما هو واضح في قوائم المندوبين إلي المؤتمر، الحزبية أو ممثلة لتلك التكوينات المفرخة عنها والتي اعتمدها رئيس الجمهورية بقرار جمهوري رقم 11 لسنة 2013 مبني على قرارات ثلاثة سابقة، وعلي مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية الموقعة في الرياض بتاريخ 23نوفمبر2011.
بناء على ذلك ينطلق اليوم الاثنين 18مارس2013 وبرئاسة الرئيس: عبدربه منصور هادي" مؤتمر الحوار الوطني- الشامل " في ظل ظروف استثنائية تعيشها المنطقة العربية عموما ومنطقة الخليج على وجه الخصوص مليئة بالتحديات والمخاطر الأمنية والإستراتيجية البادية في الأفق والمراهنة على إفشال مؤتمر الحوار الوطني.. لإسقاط المبادرة الخليجية في المقام الأول، كونها لم تأتي لتؤكد فقط علي الدور الذي يمكن إن يلعبه هذا النظام الاقليمي فحسب، بل ولأهمية امن واستقرار اليمن وانعكاساته على امن واستقرار ومستقبل الجزيرة العربية، ولما يمكن إن تؤسس له على صعيد العلاقات والتعاون الإقليمي في مواجهة مختلف التحديات، إستراتيجيه كانت أم سياسية، الأمرالذي يفترض إن يدركه المندوبون إلى الحوار الوطني والمجتمعون في دار الرئاسة في صنعاء.. اليوم، والسؤال : هل يدرك المجتمعون ذلك أم أنهم مازالوا مشدودين إلى ماضويتهم وتسيطر عليهم عقلية المساومة كما بداء في تصريحات بعض الإطراف الموقعة على المبادرة الخليجية والمشاركة في حكومة الوفاق عشية افتتاح المؤتمر وفور صدور قراري رئيس الجمهورية باعتمادي المندوبين إلي الحوار ونظامه الداخلي.
لا أغ إلى والحال هذه في وجود تلازم بين تلك التصريحات المعلنة عن رفضها المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني.. أكانت مشاركة في حكومة الوفاق ام تلك التي فشل في أقنعها بالمشاركة أمين عام مجلس التعاون د. عبداللطيف الزياني قبل شهرين في مدينة الرياض والتي اخفق ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السفير:جمال بنعمر أيضا في إقناعها بالمشاركة في دبي..عشية انعقاد المؤتمر.
هذا التلازم بين الإطراف الرافضة واضح وان بدا لأهداف مختلفة؟! إلا إن الجامع بينهما هو إفشال مؤتمر الحوار الوطني.. ولكن كل ذلك يتوقف على المشاركين في الحوار ومنهم من فرضته حوارات المساومات الداخلية داخل كل تنظيم ومكون سياسي أو مدني – جهوي أو مناطقي، في ظل تعجل إقليمي ودولي واضح لم يأخذ الموروثات المولدة لازمات اليمن بالأهمية التي تستحق.. بقدر تناولها من زاوية أطرافها السياسية وقواها المحركة مما يوفر للقوي المساومة- أشخاص كانوا أم زعامات حزبية أو اجتماعية القدرة على افشل المؤتمر!! وأظن في ذلك بعض الإجابات على التساؤلات المتعلقة بتلك الانسحابات والتي لن يتوقف نجاح المؤتمر على وجودها بل على امتداداتها داخل قاعات الحوار ولجانه، التي حدد آليات عملها النظام الداخلي.. الذي نحى نحوا التوافقية حتى لا نقول اخضع لها إلي حد وضع مشروع بناء الدولة في الترتيب الرابع رغم إن الأزمة تكمن في فشل اليمنيون بناء الدولة وتجاهلهم لحقيقة التجزئة السياسية والاجتماعية الموروثة والتي عكستها بوضوح هذه الأزمة وتجاهلتها الدول الراعية بذهابها إلي معالجة انعكاساتها لا أسبابها.
في تقديري إن الرئيس : عبدربه منصور هادي.. هو الوحيد الذي يتوقف عليه نجاح هذا الحوار الوطني دون سواه وعليه إن يمارس حقه الدستوري لوضع حد لحوارات المساومات خارج المؤتمر وداخلة بما في ذلك تأجيل أعمال المؤتمر وإ عادة صياغة نظامه الداخلي حتى لا ينجح المراهنون على فشل الحوار الوطني في فتح الأبواب والنوافذ أمام قوى خارجية – إقليمية ودولية لاستدامة الأزمة وتحويل اليمن إلى عراق أخر في جنوب الجزيرة العربية.
ويبقى السؤال الحوار الوطني إلي أين؟! مؤجل الإجابات الحاسمة لما بعد انطلاقته، دون ما إهمال للدور الإقليمي ممثلا في مجلس التعاون..والدولي ممثلا في الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وإدراكهما للموروثات اليمنية – المولدة للازمات والتى لن تحل إلا من خلال بناء دولة اتحادية حديثة..ديمقراطية ورئاسية، وهذا يتوقف على قدرة المشاركون في الحوار على مغادرة حوار المساومات إلي حوار بناء الدولة.. وعلينا ان ننتظر!!
* كاتب وسياسي وعضو المجلس المحلي بحضرموت