أرشيف الرأي

مليون خط.. ومليون دلالة

في توقيت غير بعيد من ابتهاجنا بالذكرى الثالثة والعشرين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في 22 مايو 1990م، وفي حين لا زالت اهازيج واصداء الفرح بهذه المناسبة حاضرة في مسامعنا؛ شُرِفَ قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بقيام الاخ الرئيس المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، في يوم السبت الموافق 22 يونيو 2013م بوضع حجر الأساس لمشروع مليون خط هاتفي جديد، لتوسيع خدمات الاتصالات والانترنت، وتطوير، وتحديث، وتوسيع البنية التحتية لشبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وتجهيزاتها المتعددة، بما يضمن توفير وتقديم خدمات أفضل، قادرة على مواكبة مستجدات العصر، وتوصيلها إلى المناطق التي لم تصلها خطوط الهاتف والانترنت في عموم محافظات الجمهورية.
.
لم يأتي هذا الحدث ليصبح مجرد تدشين روتيني، ولا ليمثل دعاية اعلامية لانتخابات سياسية، ولا لمجرد المشاركة في الاحتفاء بذكرى عظيمة كالوحدة اليمنية فحسب؛ لقد جاء هذا المشروع الاستراتيجي العملاق في ظروف بالغة التعقيد على المستوى الوطني، كان لها انعكاساتها الواضحة على قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، جاء ليكون واحدا من اهم المشاريع الرائدة في تاريخ الاتصالات اليمنية، حاملا للوطن مليون خط جديد، ومثلها من الدلالات الكبيرة، التي لا يدركها سوى ذوي الآفاق الواسعة، والرؤى الثاقبة، والنظرات الصائبة.
.
فقطاع الاتصالات يتعرض منذ عامين لهجوم تعسفي غير مبرر، أشاع بأن الاتصالات اليمنية تتهاوى، وتجلى في دعوات عمياء، تنادي ببيع هذا القطاع، تلبية لرغبات وطموحات غير وطنية. وفي ظل هذه المناخات المحبطة؛ جاء تدشين رئيس الجمهورية شخصيا، لمشروع بهذا الحجم الغير مسبوق من حيث عدد الخطوط، ليعبر بكل المقاييس والدلالات عن وقوف القيادة السياسية، وحكومة الوفاق الوطني، إلى جانب قطاع الاتصالات الوطني، حاملا في طياته رساله رسمية رفيعة المستوى؛ لكافة المسكونين بالقلق، من العاملين في هذا القطاع، رسالة مفادها: " نحن معكم .. ونقدر جهودكم .. ونثق بدوركم في البناء والتنمية.. فلا تقلقكم الاصوات المرجفة.. لن نبيعكم.. ولن نخذلكم .. ولتبذلوا كل ما بوسعكم؛ لتحقيق المزيد من الانجازات التي اعتاد عليها لمجتمع، بفضل جهودكم المثمرة". لقد بدا ذلك واضحا في مباركة الاخ الرئيس للجهود التي بذلها كوادر الاتصالات في سبيل هذا المشروع، واعتبره " تطورا استثماريا، واقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا " واصفا اياه ب " المنجز العظيم والرائد".
.
ان الاتصالات اليمنية أيضاً؛ - وهي تمضي قدما، بخطىً وثابة، وعزيمة لا تلين باتجاه تنفيذ هذا المشروع في عموم المحافظات، والمديريات، من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب – انما توجه بدورها رسالة عظيمة إلى المتحاورين، و إلى الساسة، و إلى كل ابناء اليمن، رسالة مفادها " فلنتسامى فوق جراحات الامس .. ولنَتّجِه لبناء اليمن، كل اليمن، حتى نحافظ عليه موحداً، وآمناً، وواعداً بالازدهار". وفي ذلك دلالات نبيلة، علينا تكريسها في مشاريع مماثلة، تعم مختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية والخدمية، وبما يؤكد أن جهود لمجتمع الدولي لن تذهب سدى، وان اليمن يمتلك كوادر متميزة قادر على النهوض، وحريصة على تجاوز الصعوبات والمعوقات أيا كانت الظروف.
.
دلالات هذا المشروع ايضا لا تقف عند مجرد ملء المحطات والسنترالات بخطوط الهاتف والانترنت، ولا عند حصول المواطن على تلك الخدمات بسهولة ويسر؛ فثمة اهداف للمشروع تتمثل بالاستفادة التي سيجنيها الوطن والمواطن، على صعيد التنمية الشاملة في مختلف المجالات؛ ذلك ان تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، اصبحت تؤثر على معيشة الفرد، وتحتم علية أن يطور انماط تعامله مع الحياة، كما انها تجاوزت قطاع الاتصالات، وأصبحت تخترق مختلف قطاعات الدولة بشكل افقي، وتفرض نفسها كخيار الزامي في كل ميادين الاقتصاد، والتنمية، والخدمات، والثقافة، والتعليم، والصحة.. إلى غيرها من الحقول. وكل ذلك - بلا شك - سينعكس - بشكل أو بآخر - على تعظيم الموارد الاقتصادية، والمادية، وإثراء خزينة الدولة بالعائدات التي تساعد البلاد في تجاوز اوضاعها الاقتصادية الحرجة.
.
نأمل أن يكون لهذا المشروع اثره في رفع معنويات المواطن اليمني، كما رفع معنويات العاملين في قطاع الاتصالات، وذلك بما يحمله ويؤكده، من دلالات عديدة وعظيمة، لا تقل أبدا عن حجم وعظمة المشروع.

زر الذهاب إلى الأعلى