آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

تمديد مهلة التصحيح بين واقعين

تشهد إدارات الجوازات ومكاتب العمل والغرف التجارية وغيرها، هذه الأيام، تدفقات بشرية كثيفة من المواطنين والعمالة الوافدة لاستغلال الفترة المتبقية من المهلة التصحيحية لأوضاع العمالة المخالفة المقيمة. وتعد حملة التصحيح حلا وطنيا تقوم به وزارتا الداخلية والعمل ذا جوانب إيجابية لا تنحصر لمواجهة مخاطر العمالة المخالفة من النواحي الأمنية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

وانطلاقا من المكانة الرائدة للمملكة، واستشعارا للجوانب الإنسانية والأخلاقية للتعامل مع المقيمين، فقد أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله بإعطاء هؤلاء المخالفين مهلة لتصحيح أوضاعهم لتتماشى مع النظام، لكن استعداد ومواجهة بعض الجهات المعنية بالتصحيح لم يكن على المستوى المأمول وشابته الفوضى والعشوائية مع غياب التنظيم وإدارة الوقت وضعف استخدام التقنية، ما أدى إلى عدم إنجاز الكثير من المعاملات، في الوقت الذي تشارف فيه مهلة تصحيح العمالة على الانقضاء، حيث لم يتبق منها إلا القليل، وعدم تمكن عدد من القطاعات من اللحاق بإنجاز معاملاتهم بالجهات المختصة؛ لذلك طالب العديد من رجال الأعمال بتمديد فترة التصحيح لثلاثة أشهر أخرى، حيث إن قطاع الإنشاءات والصيانة هو أكثر القطاعات التي تتوافر فيها العمالة المخالفة، إذ يعد أكثر القطاعات التي تضم عمالة مخالفة لأنظمة الإقامة والعمل وغالبية العمال المخالفين يعملون في هذا القطاع بأجر يومي، وفي بعض الأحيان بأجر مقطوع، كما أن جزءا من تلك العمالة منتشر في الأسواق ويعرض خدماته أمام المحلات المتخصصة في بيع مواد الإنشاء أو في التجمعات العمالية المعروفة في المدن.

وتتجه اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة سير إجراءات تصحيح أوضاع العمالة الوافدة نحو طلب تمديد الفترة الممنوحة لـ3 أشهر إضافية تبدأ بنهاية الفترة الحالية، وذلك كون الفترة الممنوحة لا تكفي لإنهاء إجراءات تصحيح أوضاع الأعداد الكبيرة التي تقدمت لتصحيح أوضاعها، على أن يتم إقرار مرحلة ثانية للتصحيح، وذلك لإعطاء فرصة أخرى لمن لم يستفد من المهلة السابقة لأسباب خارجة عن إرادته، نسبة لطول الإجراءات التي تتطلبها بعض الحالات، بالإضافة لعدم استعداد الجهات المنفذة للمهلة استعدادا كافيا، وقلة الكوادر العاملة.

ولقد بذلت وزارة العمل والجوازات جهودا كبيرة في سبيل تصحيح أوضاع المخالفين، حتى اضطرتا خلال المهلة إلى مضاعفة الجهد والعمل وزيادة ساعات الدوام اليومي. بينما في الجانب الآخر من يعارض تمديد مدة التصحيح. فقد تمسكت وزارة العمل بتاريخ 24 شعبان الجاري كآخر موعد لاستقبال طلبات تصحيح أوضاع العمالة، إذ أكد مصدر مطلع أن الوزارة ليس لديها نية لـ«التمديد» في الوقت الحالي، معتبرا أن مثل هذا القرار من شأن جهات عليا. حيث أعلنت عبر رسائل بثتها إلى جميع أصحاب الأعمال المسجلة أرقامهم في وزارة العمل بأن العقوبات ستنتظر المخالفين بعد انتهاء المهلة الحالية التي يصل مداها إلى 3 أشهر فقط. كما نفى المتحدث الرسمي باسم المديرية العامة للجوازات وجود أي مؤشرات عن توجه نحو تمديد مهلة خادم الحرمين الشريفين لتصحيح أوضاع العمالة الوافدة «الثلاثة أشهر»، مؤكدا في الوقت ذاته أننا جهة تنفيذية، وما يصلنا من تعليمات سنلتزم به.

ومن وجهة نظرنا أن سوق العمل في أمس الحاجة إلى تمديد مهلة التصحيح، وذلك للأسباب التالية :
1 يقدر حجم العمالة المخالفة بمليونين ونصف، وذلك وحسب تقدير وزارة العمل فإن من صححوا أوضاعهم لم يبلغوا نصف مليون، ولم يتبق من المهلة إلا أسبوعان.
2 إن تصحيح أوضاع المخالفين لأنظمة الإقامة أوفر تكلفة من استقدام العمالة الجديدة.
3 إن سوق العمل يحتاج إلى عمالة في مجالات التشييد والبناء والمقاولات، فإن عدم التمديد سيضطر كثيرا من هذه العمالة للمغادرة نهائيا، ما قد يؤثر على حركة البناء والتعمير.
4 كثرة الطلب على العمالة المنزلية، حيث توجد عمالة منزلية من خادمات وسواقين لم تصحح أوضاعهم. لذا نأمل من اللجنة الوزارية المختصة الرفع للمقام السامي لإعطاء مهلة أخرى لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة.

زر الذهاب إلى الأعلى