آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

ابتسامتا مبارك والظواهري

مشهد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، وهو يتمتع بالحرية أو يتابع وربما يسمع من غرفته في مستشفى المعادي العسكري اصوات العشرات الذين احتشدوا للترحيب به يوم الخميس، وربما شاهد مساء امس الالعاب النارية التي اطلقها ائتلاف ‘ابناء مبارك’، هذا المشهد كان كافيا لطرح تساؤلات حول جدوى ثورة 25 يناير، وانجازاتها بعد التضحيات التي قدمت للاطاحة به.

محاكمة الرئيس مبارك ستستأنف الاحد، حيث لا يزال يحاكم في ثلاث قضايا من بينها التواطؤ في مقتل متظاهرين قبيل سقوطه، وهي قضية سبق وان تقرر اخلاء سبيله فيها بسبب انقضاء المدة القانونية لحبسه احتياطيا (24 شهرا). وادت محاكمة أولى في حزيران/يونيو 2012 إلى الحكم بالسجن المؤبد على الرئيس الاسبق على خلفية هذه القضية، لكن محكمة النقض امرت باعادة المحاكمة وقد بدأت المحاكمة الجديدة في 11 ايار/مايو.

وتم الافراج عن مبارك بعد الانتهاء من قضيتي هدايا الاهرام و’القصور الرئاسية’ اللتين كان يقضي فيها فترة حبس احتياطي.

ورغم احترامنا للقرار القضائي، الا ان الجانب الرمزي في المشهد في هذا الوقت يبقى فجا.

فقد ترافق اطلاق سراح مبارك من سجن طرة مع استقبال نفس السجن للمرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين محمد بديع ونائبيه خيرت الشاطر ورشاد بيومي واعضاء وقياديين بالجماعة اعتقلوا على ذمة تحقيقات ومحاكمة في قضايا اتهموا فيها بالتحريض على القتل (عدد المقبوض عليهم من جماعة الاخوان يتجاوز الالفي معتقل). وبينما اعتبر البعض المشهد مصادفة غير موفقة، رآه آخرون اجهاضا لثورة 25 يناير.

شهدت مصر بعد ثورة 25 يناير تغييرات وتحولات دراماتيكية للاحداث، ومن المشاهد التاريخية التي مرت خلال الواحد وثلاثين شهرا الماضية كان يوم الثالث من اب (اغسطس) 2011، يوم اعتقال ومحاكمة اول رئيس عربي، بينما اليوم يقبع معظم الذين تم انتخابهم بعد الثورة في السجن، واما الرئيس المعزول محمد مرسي فهو معتقل في مكان مجهول.

لكن التغيير الاكبر الذي شهدته هذه الفترة كان اعادة تقييم الاعداء والاصدقاء، ويبدو في هذه الايام، ان العدو الاول لحكام مصر الجدد اصبح حركة المقاومة الاسلامية حماس، بينما لم تعد اسرائيل عدوا، فعلى العكس من ذلك، ربما يسجل التاريخ، ان هذه المرحلة اهم مرحلة مرت للتنسيق بين الطرفين الاسرائيلي والمصري، خاصة بمواجهة الجهاديين في سيناء.

صورة هذه المرحلة تلخصت بابتسامة مبارك اثناء نقله يوم الخميس من السجن، ومن السخرية ان شخصا آخر نعتقد انه كان يبتسم في ذات الوقت في مخبئه على بعد الاف الكيلومترات في باكستان، انه زعيم ‘القاعدة’ ايمن الظواهري، الذي فاز الان بفرصة ذهبية لحشد الجهاديين في مصر.

وسبق للاخوان المسلمين نفي وجود اي صلة لهم بتنظيم ‘القاعدة’، كما ان التنظيم وزعيمه لم يتوانيا عن انتقاد الحركة وزعيمها والرئيس المعزول مرسي، الا ان عددا أكبر من المصريين سيكون بانتظار رسائل من الجماعات الجهادية ردا على ‘شيطنة’ الاخوان، وزجهم بالسجون.

عبد الفتاح السيسي، نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، ورمز المرحلة الجديدة، صرّح مؤخراً ان ‘مصر تتسع للجميع′، لكن المقصود ب’الجميع′ على ما يبدو، عودة مبارك ونظامه السابق، فيما ‘تتسع′ السجون أكثر فأكثر لاستقبال قيادات الاخوان ومؤيديهم، وسيلحق بهم بعد قليل كل من يعارضون الدولة الأمنية التي كانت السبب الرئيس في قيام الثورة.

زر الذهاب إلى الأعلى