من الأرشيف

هل الإصلاح بلا عقل ولا رأس؟

قال المفكر الحر غائب حواس ذات يوم إن الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر كأن رأس تجمع الإصلاح، وكان حارث الشوكاني عقله السياسي.. وتوفي الشيخ عبدالله وابتعد حارث الشوكاني عن دائرة التخطيط السياسي للإصلاح.. ومنذ ذلك اليوم أصبح الإصلاح بلا عقل ولا رأس.

راجعوا مواقف الاصلاح الاستراتيجية خلال السنوات الماضية وسترون أن هناك تخبطاً عجيباً..

حارث الشوكاني الذي قرأ مئات وآلاف الكتب كان أول من كتب مقالاً ينبه لخطورة مؤتمر الحوار وذلك في يوليو 2012 توقع فيه أن يذهب مؤتمر الحوار إلى تمزيق اليمن والتنازل عن المكاسب الوطنية وأكد أنه ما سارت الأمور كذلك فإن الأزمة الحقيقية في اليمن لم تبدأ بعد بل ستبدأ من خلال الحوار.

بالتأكيد لم يكن حارث من يخطط للإصلاح في تلك اللحظة.. بل أصبحت العناصر السطحية المعجنة في مخابز السي أي إيه هي من يوجه خيارات الإصلاح. فالإصلاح يقدم الولاء على العقل ويعادي من اختلف معه لفترة، حتى لو كان معه أكثر الوقت.. ويطير على الوهم مهما نبهه الناس.. المهم أن لا تجرح مزاج حساباته المغامرة.

والدليل على أن الإخوان عقولهم الاستراتيجية معطلة انظروا إلى مصر.. من أعلى كرسي في السلطة إلى أسفل زنزانة في السجن بين ليلة وضحاها لأنهم لا ينظرون بعيداً.. ويظنون أن الله سيعوضهم وهم قاموا بتصرفات خالفت سنن التمكين وخالفت مبادئ إسلامية في غاية الأهمية.

لو كانوا يعلمون أنهم سوف يسقطون فقد غامروا.. ولو كانوا لا يعلمون فهم ساروا ببرنامج غيرهم ولم يُعمِلوا عقولهم.

إلى اليوم ونحن نرى الإصلاح يذهب بكل غباء إلى التوقيع على تحطيم اليمن عبر مؤتمر الحوار، يظن أنه يستطيع التهرب بعد التوقيع.. وهو لا يعلم أن الظرف مختلف وأن الذي فرض عليه التوقيع على هذه الأوراق يستعد بأساطيله البحرية والجوية للإشراف على تطبيقها وصولا إلى الصفر.

هل منكم أحد يرى ما للإصلاح فقد القدرة على الممانعة؟ ويسير ببرنامج الحراك والحوثي؟

تعالوا لننظر ماذا كتب حارث الشوكاني في يوليو 2012 يقول:
"المرحلة الإنتقالية لهذه الثورة كان ينبغي أن تحصر مهامها في التهيئة للانتخابات بصورة نزيهة مبرأة من الشوائب لسرعة تسليم السلطة السياسية لمن يختاره الشعب بإرادته الحرة ولا يجوز بحال من الأحوال أن تسند لهذه المرحلة الإنتقالية مهمة صياغة مستقبل اليمن عبر إسناد مهمة تعديل الدستور أو إعادة صياغته إليها، لأن الدستور من خلاله يتم تحديد طبيعة نظام الدولة ووضع الأسس والثوابت التي ستتحكم بمصائر هذا الشعب ومستقبله، وبالتالي لا يجوز المساس بالدستور تعديلاً أو إعادة صياغة إلا عبر آلية ديمقراطية تمثل الشعب عبر لجنة تأسيسية منتخبة أو عبر مجلس النواب المنتخب القادم لأنه لا يمكن الوصول إلى مضمون يجسد مصالح الشعب في الدستور إلا عبر من يمثلون الشعب. لأن لكل شعب ودولة ثوابت وطنية يجسدها الدستور وكل هذه الدساتير في مختلف أنحاء العالم متفقة على ثابت أساسي وهو مبدأ سيادة الدولة ووحدة أراضيها وأي خروج على هذا المبدأ في أي دستور من دساتير العالم يعتبر خيانة وطنية عظمى يحاكم أي خارج أو متمرد على مبدأ سيادة الدولة ووحدة أراضيها كائناً من كان.

والعجيب في اليمن أن يسند إلى لجنة الحوار الوطني في مرحلة إنتقالية مهمة تعديل الدستور بل وإعادة صياغته كلياً بمعزل عن الشرعية الشعبية وعن المؤسسات الدستورية المنتخبة، والأعجب منه أن تنطلق التصريحات من القيادات السياسية المختلفة أن الحوار الوطني المتعلق بصياغة دستور البلاد ليس له سقف، أي أن هذا الحوار متحلل من كل الثوابت والأسس المتعلقة بالدساتير، وكان ينبغي أن تدرك هذه القيادات أنه لا يجوز لها المساس بالدستور بمعزل عن الإرادة الشعبية إبتداء، وإذا اضطرتنا الظروف لصياغة دستور جديد فكان ينبغي لتأمين مصالح الشعب ومستقبله تقييد هذه اللجنة بالثوابت الوطنية والشرعية (عدم المساس بإسلامية الدستور – عدم المساس بالنظام الجمهوري – عدم المساس بالوحدة اليمنية – عدم المساس بالنهج الشوروي الديمقراطي)".

ويضيف:
" كان ينبغي أن يكون موضوع الحوار مع حركات التمرد هذه هو أسباب هذا التمرد وضرورة إحترام مبدأ سيادة الدولة ووحدة أراضيها وفي حال الرفض يتم فرض سيادة الدولة بالقوة المسلحة كما هو معلوم في كل دول العالم.

بدلاً عن ذلك كله يحصل العجب العجاب وأغرب الغرائب .. يختزل الحوار الوطني كله في موضوعين (الحراك الإنفصالي – والتمرد الإمامي في صعدة) وتترك معاناة الشعب جانباً بل ويتم تمثيل حركات التمرد في اللجنة، وبدلاً عن محاورتهم عن ضرورة العدول عن تمردهم والإعتراف بسيادة الدولة يوكل لهذين الفصيلين مهمة صياغة دستور البلاد مع تطمينهم مسبقاً أنه لا سقف للحوار، أي إعطائهم الحق بطرح موضوع الإنفصال (الإنفصال الجغرافي السياسي إلى شطرين – والإنفصال الجغرافي السياسي والاجتماعي إلى عدة دويلات وأقاليم عبر الفيدرالية وهو الأخطر من الإنفصال إلى شطرين) بل وإضفاء الشرعية الدستورية على هذا التمرد الحراكي الإشتراكي الداعي للإنفصال وإضفاء الشرعية الدستورية على دويلة إمامية حوثية في صعدة عبر الدستور الجديد، فهل هناك مهزلة تفوق هذه المهزلة أن يجتمع الخونة والقتلة والإنفصاليين لإلغاء شرعية الدولة وإضفاء الشرعية عليهم وعلى دويلاتهم في أخطر مؤامرة تستهدف الوحدة اليمنية مع أن البند الأول من المبادرة الخليجية قد حدد بوضوح أن الوحدة اليمنية هي سقف هذا الحوار الذي لا يجوز تجاوزه"..

وزاد الشوكاني:
من هذه الزاوية أقول إن اليمن تمر في منعطف تاريخي هام وإن إجراءات الحوار إذا سارت بهذا المنوال فيمكنني القول دون مبالغة إن الأزمة الحقيقية لليمن على الرغم من الأزمات السابقة التي عصفت به ستبدأ حقيقة مع بداية وإختتام مؤتمر الحوار الوطني لأن فعاليات هذا المؤتمر ستلغي دستور دولة الوحدة بدستور يفتت اليمن إلى عدة دويلات وأقاليم، أي بإختصار أن مؤتمر الحوار الوطني سيكون أشبه بمؤتمر سايس بيكو لتجزئة العالم العربي أو مؤتمر (اللهم باعد بين أسفارنا) بالمصطلح القرآني".

السؤال الأخير:
ماذا لو كان الإصلاح اتخذ مساراً منذ ذلك اليوم أن لا تعديل للدستور ولا مفاوضة على الثوابت في ظل وصاية دولية ومرحلة انتقالية غير شرعية؟

زر الذهاب إلى الأعلى