قدم المبعوث الاممي إلى اليمن الاستاذ جمال بن عمر تقريره الدوري لمجلس الامن الدولي عن جديد العملية السياسية الجارية في اليمن، ولم يكن في تقريره الذي قدمه يوم الاربعاء 27/11/2013م اي شيء مميز عن التقارير السابقة التي قدمها للمجلس، باستثناء نقطة واحدة هي فترة ولاية فخامة الرئيس هادي .
لا تحدد نصوص المبادرة الخليجية الفترة التي سيقضيها فخامة الرئيس بعد "انتخابه التوافقي" في رئاسة البلد، ولكن الآلية التنفيذية للمبادرة تحدد فترة رئاسته تبعا لذلك الانتخاب بعامين وهو تحديد واضح وجلي ولا لبس فيه، كما ان فترة العامين هي ما تم اعلانه للناخبين عند انتخاب فخامته وحاز ثقتهم كرئيس للبلد تبعا لها .
عندما تكون المبادرة لا تحدد وتكون اليتها التنفيذية تحدد فترة الرئاسة بعامين وكذلك انتخاب ملايين اليمنيين له تم بناء على فترة العامين، ويأتي الاستاذ جمال بن عمر ليفهم مجلس الامن ان من يتحدث عن انتهاء ولاية فخامة الرئيس هادي هي في فبراير 2014م فأن الاستاذ جمال بن عمر هو الذي يكون في الموضع غير السليم وليس من يتحدث فبراير عن 2014 م .
شخصيا ليس لدي اعتراض على التمديد لفخامة الرئيس في قيادة البلد، وانا من المقتنعين تماما بضرورة استمراره في الرئاسة حتى انتهاء مؤتمر الحوار واعداد الدستور الجديد واجراء الانتخابات البرلمانية وذلك لاعتبارات موضوعية تجعل من استمراره هو الممكن الوحيد حاليا، وحتى يتم انجاز متطلبات الشراكة الوطنية الحقيقية والتي لن تتجسد الا بتفعيل مخرجات الحوار الوطني على الواقع.
جوهر هذه القضية هو توفير الغطاء القانوني لمن يتولى رئاسة البلد بعد انقضاء الغطاء القانوني للعامين الذين اكتسبها فخامة الرئيس هادي "بالانتخابات التوافقية"، وتوفير الغطاء القانوني المطلوب لا يمكن توفيره من خلال "لفتة" الاستاذ جمال بن عمر التي قالها لمجلس الامن عند تقديمه لتقريره، لأن الاستاذ جمال لا يمثل الاطراف السياسية في البلد ولا يمثل الناخبين اليمنيين، كما ان تصويره ان من يتحدث عن فترة العامين بانهم مضللون لن يحل هذه القضية ولن يلغي الاستحقاق القانوني لها .
ما كان يجب لحل هذه المشكلة الغير متوقعه عند "الوفاق" من الجميع هو الدخول من احد الابواب التالية المتاحة، اما ان يتم بالتوافق بين اطراف المبادرة باعتبار ان استمرار فخامة الرئيس بعد العامين يعتبر اضافة على آلية المبادرة، أو بالتوافق بين اعضاء مؤتمر الحوار باعتبار ان كافة القوى الوطنية ممثلة فيه، أو باستفتاء شعبي أو انتخابات توافقية جديدة، أو عن طريق الحصول على موافقة من مجلس النواب على الاستمرار، وغير هذه الابواب لا مدخل اخر لتوفير الغطاء القانوني لما بعد فبراير 2014 م.
كل الابواب السابقة هي ابواب متاحة، ويمكن السير في ايا منها والتحصّل على المطلوب القانوني لاستمرار فخامة الرئيس بعد فبراير 2014م، فالمتوافقون لم يكملوا التزامات الوفاق وبالتالي لا خيار امامهم الا التمديد لفخامته على الاقل لحين انجاز مطلوبات المبادرة، والمتحاورون يعلمون ان تنفيذ مخرجات الحوار اكثر صعوبة من الوصول اليها، وبالتالي الخيار العملي الوحيد امامهم هو التمديد لفخامته، لان الواقع لم يتغير فيه شيء حتى الان وما تم التوصل اليه هو كلام على اوراق حتى الان، والناخبون ايضا يدركون ان فخامة الرئيس قد عمل كثير مما هو مفترض به، ويتفهمون ان كثيراً من جوانب القصور تأتي تبعا للظرف الحساس الذي تولى فخامته فيه راسة البلد، ويدركون ان هناك من العراقيل ما يحتاج لفترة زمنية اطول حتى تذوب فيها، وبالتالي فان اي استفتاء شعبي أو انتخابات توافقية لابد ان يحوز فخامته على ثقة الناخبين للاستمرار، وحال باب مجلس النواب كحال اطراف الوفاق أو اطراف الحوار هو ايضا مفتوح ومضمون لفخامته.
الباب الوحيد الذي لن يكون في صالح فخامة الرئيس، والذي سيسلبه كل رصيده "كفرس رهان" البلد في هذه المرحلة الحساسة وسيصوره كمن يعمل بنفس اسلوب عمل المرحلة السابقة للاستمرار في الرئاسة هو الباب الذي يريد ان يدخله منه الاستاذ جمال بن عمر، لأنه يمكن ان الاستفادة من عدم تحديد الفترة الانتقالية في المبادرة وبالتالي يمكن استمرار فخامة الرئيس لحين انجاز مطلوباتها، ولكنه سيوصل إلى تعارض مع التحديد الواضح في الالية التنفيذية، وكذلك مع الاعلان للناخبين عن الفترة التي تم انتخاب فخامة الرئيس توافيا لولايتها.
لفخامة الرئيس وللأستاذ جمال بن عمر اقول ليس في الامر اي تضليل ممن تحدثوا عن نهاية ولاية فخامة الرئيس هادي في فبراير 2014م، ولا وجود لحاجة اصلا لمثل هذا القول، ولا حاجة لان نجعل من موضوع التمديد لفخامة الرئيس معضلة لا يمكن تحقيقها بطريق قانوني لا لبس فيه، أو ان نغفل أو نمر من غير الابواب المتاحة للحصول عليها، فالتمديد لفخامة الرئيس هادي هو امر موضوعي وحتمي وخيار وحيد ولا يمكن لأي طرف ان يحيد عنه في ضل ظرف البلد الراهن .
لا يحتاج فخامة الرئيس لتشعوبة" كي يستمر حتى ينهي ما هو مطلوب ليعبر بالبلد هذا الظرف ويدخل به لعهد جديد، "فالتشاعيب" هي ما اوصل البلد للحال الذي تطلّب نقل السلطة لفخامته اصلا، وكل ما يتطلبه الامر هو اختيار ايا من الابواب السابقة لتوفير الغطاء القانوني لاستمرار فخامته وبدأ السير من خلالها، وكل تلك الابواب متاحة وكلها ستكون في صالحه، فلازال فخامة الرئيس هو "فرس الرهان" في مضمار مجاوزة اليمن محنته وتنفيذ متطلبات المبادرة والخيارات الموضوعية متاحة والابواب مشرعة امام استمراره على مصراعيها الا باب بنعمر.