من الأرشيف

هادي والمؤتمر.. تحالفات ما بعد القرار وبرنامج تحركات بن عمر

لا المخربون ولا الجماعات المسلحة مستهدفون من القرار الدولي الذي وضع اليمن تحت ‏‏الفصل السابع، فالمسلحون على ما يبدو موظفون لدى القوى الدولية، والضحايا والانتهاكات ‏‏والأموال المنهوبة أوراق ابتزاز. ‏

الهدف من القرار كما ذكرنا وذكر الكثيرون وأكده تصريح بن المبعوث الأممي جمال بن ‏عمر الأخير، هو الضغط على من ‏يرفض تقسيم اليمن إلى أقاليم ومنحها الحكم الذاتي بدون ‏مؤسسات، بما ‏يحولها إلى ميادين فوضى. ‏

لقاء بنعمر بقيادات المؤتمر الشعبي العام أمس عزز ذلك مجدداً، إذ أكد بلقائه أن القرار ‏‏الدولي يهدف إلى الضغط من أجل "تنفيذ مخرجات الحوار" التي هي الشغل الشاغل للمجتمع ‏‏الدولي، أما بقية ما يتردد فهو للاستهلاك والابتزاز والمتاجرة بأوجاع اليمنيين.‏

العملية السياسية الحالية في صنعاء بعد القرار الدولي، تبدو كالتالي: ‏
بنعمر وهادي يحاولان استقطاب المؤتمر بالترغيب بتحالف مع هادي وعلى حساب ‏‏الإصلاح، والترهيب بالعقوبات المالية والفصل السابع، بما يؤدي إلى تقليص دور أو إزاحة ‏‏الرئيس السابق علي عبدالله صالح وضرب أكثر من هدف. ‏

ويبدو أن هذا التوجه جاء بعد أن أبدى المؤتمر قدرة على المناورة وبأنه ما يزال فاعلاً أثناء ‏مؤتمر الحوار، في ‏مقابل استسلام إصلاحي فوق المطلوب، الأمر الذي جعل القوى الدولية ‏تتجه ‏نحو المؤتمر لمحاولة كسبه لصف هادي على حساب صالح والإصلاح، خصوصاً مع ‏الرياح ‏الإقليمية التي رفعت معنويات المؤتمر ووضعت الإصلاح في دوائر الحيرة والتوجس. ‏

أي أن الإصلاح وجناح صالح في المؤتمر هما المستهدفان في الفترة القادمة، ويتبعهما ‏‏المؤتمر نفسه. بحيث يصبح المؤتمر أو جزء كبير منه حليف هادي الأول لشهور قادمة مع ‏‏محاولة تحجيم للإصلاح. وبعد أن يتمكن هادي من شق صف صالح وجزء كبير من المؤتمر، ‏‏يقوم ببناء كيانه الخاص والتخلي عن المؤتمر وقيادته التقليدية بعد أن يقوم شراء ما ‏اتفق معه ‏منها وبما يتناسب مع أسلوبه الذي أثبت خلاله أنه يتعامل بنفس مناطقي. أو يتعامل ‏مع ‏المخاطر التي تهدد المحافظات الشمالية كأنها لا تهمه. ‏

يعزز هذا التوجه ثلاثة أمور: أولهماً، هو الاتفاق الغامض الذي وقع على إثره المؤتمر ‏مخرجات ‏مؤتمر الحوار بعد أن كان ينتقدها دون تعديل سطر واحد فيها باستثناء بيان لا قيمة ‏قوية له. ‏والثاني هو الهدوء الإعلامي المؤتمري بعد انتهاء مخرجات مؤتمر الحوار وبعض ‏التعيينات ‏التي يشكو المشتركيون بأنه المؤتمر يحوز فيها على نصيب الأسد. وأخيراً لقاء ‏بنعمر بقيادات ‏المؤتمر بغياب صالح بعد قطيعة واتهامات متبادلة لأشهر. ‏

ويمكن أن يستخدم هذا التوجه للمتاجرة لدى بعض دول الخليج التي صار لها مواقف ضد ‏‏الإخوان المسلمين. لكن الذي لا يتوقع أن يتغير في ظل هذا الوضع هو صعود الجماعات ‏المسلحة.. وبالتالي هي خديعة ‏جديدة حتى للخليج، من خلال التغطية على الأولويات وتصوير ‏الوضع بأنه سلطة تصعد ‏وتخفض بينما على الأرض تُقاد البلاد إلى التقسيم وتصعد الجماعات ‏المسلحة التابعة لمشاريع ‏دولية وإقليمية تستهدف المنطقة ككل. ‏

الهدف هو تفكيك مراكز القوة، سواء قوة الدولة لصالح الجماعات المسلحة والدعوات ‏‏المناطقية، أو القوى والأحزاب التي يمكن أن تساهم ككتل بلعب دور في مقابل تصعيد عصبية ‏‏مناطقية وقبلية تتفق مع مخرجات الحوار. ‏

وإذا استطاع هادي أن يتحالف مع جزء كبير من المؤتمر على حساب مركز صالح، ثم يقوم ‏لاحقاً بنكث حلفه مع المؤتمر، هناك يمكن أن يتشتت المؤتمر ويتوزع بين ‏القوى الجديدة، لأن ‏التنظيمات والأنظمة بطيبعتها هي مراكز لحلقات أضعف حول هذا ‏المركز. عندما يذهب ‏المركز القوي ستتجه الحلقات إما إلى مراكز جديدة أو مراكز أخرى ‏كالحوثيين والمكونات ‏المناطقية التي من الممكن أن تصعد في مراحل قادمة في ظل الرواج ‏الحاصل للمناطقية ‏والقروية والمشاريع الضيقة. ‏

المهم في المرحلة القادمة هو التالي: ‏
‏- التوجه للتحالف مع أجنحة في المؤتمر بما يدهور مركز صالح ويقصي الإصلاح تدريجياً. ‏
‏- تفكيك المؤتمر نتيجة حالة الاستقطاب. ونتيجة طبيعة تحالفات هادي التي لا تسمح بتحوله ‏‏لمركز قوى جديد يضم الكل. ‏
‏- تصعيد الجماعات المسلحة. وهذا ما يحصل من خلال العديد من السياسات والتصرفات. ‏
‏- المضي في مخرجات الحوار والقفز إلى المجهول بخطوة الأقاليم، بما ينقل الدولة إلى ‏‏لادولة وليس لأقاليم أو دويلات. لأن مخرجات الحوار تقسم اليمن إلى 6 أجزاء، لكل جزء ‏‏حكومة وبرلمان (كما صرح هادي)، وتبعاً لها قضاء مستقل أي سلطة (تشريعية وتنفيذية ‏‏وقضائية) كما نصت وثيقة الحوار.‏

‏ وبعيداً عن كل المخاطر والتهديدات يعتبر تنفيذ هذه المخرجات مستحيلاً لسبب وحيد يتمثل ‏‏في الاقتصاد. وهذا أمر ليس وجهة نظر، لأن من المسلمات أن الدولة الاتحادية تحتاج إلى ‏‏موازنة مالية مضاعفة. ولكن القافزين يتحدثون عن أشياء غيبية وحلول سحرية ستوفر هذه ‏‏الموازنة. ولو كان ذلك ممكناً بسهولة فليتم توفيره من الآن ومن ثم يجري الحديث عن ‏مخرجات الحوار ‏والأقاليم. لكن الهدف هو إيجاد صيغة حكم تعجز الدولة عن القيام بمهامها في ‏ظلها ما يؤدي إلى ‏تصاعد السخط في الأطراف ضد المركز والتوجه نحو المراكز الجديدة بما ‏يصنع وضعاً ‏مناسباً لبعض الأجندة الدولية. ‏

زر الذهاب إلى الأعلى