نشرت صحيفة الشارع منتصف الشهر الماضي تقريرا يتحدث عن انسحاب شركة دوف البريطانيه من قطاع 53 النفطي في محافظة حضرموت وكانت معلوماته دقيقه وصحيحة مائة في المائة ومالم يتسنى للصحيفه نشره لانعدام وسرية المعلومات بعدها ان السيد رئيس الوزراء خالد بحاح عقب اعلان الشركة البريطانية انسحابها باسبوع وجه وزير النفط بالموافقه على انسحاب الشركة بعد اتخاذ كل الاجراءات القانونيه المتعلقه بذلك , كما وجه بحاح في ذات الوقت قيادة شركة بترومسيله الوطنية المشغلة لقطاع 14 الواقع في حضرموت ايضا باعداد خطة لاستلام قطاع 53 المنسحبة منه شركة دوف.
وفي اواخر ديسمبر الماضي وجه بحاح وزير النفط احمد بن نبهان باصدار تكليف لاحد نواب المدير التنفيذي لشركة بترومسيلة الوطنيه باستلام القطاع 10 الواقع ايضا في حضرموت والذي من المقرر ان تسلمه شركة توتال لليمن نهاية 2015 لانتهاء فترة حق امتيازها لتشغيله حسب اتفاقية المشاركة في الانتاج الموقعة بين وزارة النفط وشركة توتال عام 1995 .
خلال شهرين من تعيين بحاح رئيسا للوزراء واحمد بن نبهان وزيرا للنفط صدرت كل تلك التوجيهات التي اوردتها في السطور السابقه وهى توجيهات غير قانونيه ولا تتوافق ابدا مع ما جاء في قانونى انشاء وزارة النفط وهيئة استكشاف وانتاج النفط كونهما قانونيا هما الجهتان الموهلتان للاشراف والرقابة الفنية والمالية على الشركات الاجنبية النفطية العاملة في اليمن واستلام القطاعات بعد انسحاب الشركات منها فيما لا يحق لشركة بترومسيلة ان تمارس ذلك الحق وفقا لقانون وزارة النفط علاوة إلى انها شركة لم يصدر بها إلى الان قرارا جمهوريا وكان انشائها بقرار مجلس وزراء فقط لتشغيل القطاع 14 بعد انهاء شركة نكسن امتيازها فيه وجاء تاسيسها والاعلان عنها تحت ضغط ما يسمى بالهبه الحضرميه يومها في عام 2012 توجيهات بحاح وتكليفات بن نبهان تلغي كل القوانين وتنتهك نصوص اتفاقيات المشاركة في الانتاج بين وزارة النفط والشركات العامله في القطاعات النفطية وتسحب صلاحيات وزارة النفط ممثلة بهيئة استكشاف وانتاج النفط وتوجهها باتجاه شركة بترومسيلة , ولا اعتقد ان ذلك لقلة خبرة (بحاح) و(بن نبهان) فالاول قد تقلد منصب وزير النفط مرتين كما ان الثاني كان احد نواب مدير عام شركة بترومسيله قبل ان يتقلد منصب وزير النفط. لم اجد تفسيرا لتوجيهات بحاح وتكاليف بن نبهان وخاصة ان جميعها تصب في اتجاه شركة بترومسيلة سوى ان هناك اجنده خاصة تعمل على حضرمة قطاع النفط في اليمن ككل والجنوب بشكل خاص فبحاح (حضرمي) وبن نبهان (حضرمي) و تسعين في المائة من كادر شركة بترومسيلة (حضارم) اضافة للنفوذ القوي الذي يحظى به التاجر الحضرمي السعودي الجنسيه (بقشان) على اهم مراكز قوى ادارة ومفاصل الشركة ولا يخفى على احد بان خالد بحاح نفسه لم ياتي إلى كرسي وزارة النفط في عام 2007 الا عبر التاجر بقشان.
يعلم الله باني غير متحامل على احد وان الحضرمي بالنسبه لي لا يفرق في شيء عن اي شخص من اي محافظه اخرى فجميعنا يمنيين وما يعنيينا فقط هو النهوض بالحالة الاقتصادية للبلاد لكن مايحدث يعيدنا للوراء ويزيد من تعقيد ازمتنا في ادارة الصناعة النفطية للبلد والمراهنه هنا على كل القوى الحية في المجتمع للوقوف ضد حالة الاستئثار بالثروة الوطنية وتوجيهها في اتجاه منطقة أو طائفة بعينها. بحاح بعيدا عن (اجندته) الخاصة يدرك تماما باننا في اليمن وصلنا لمنطقة فاصلة تدفعنا لضرورة استيعاب النمو في القطاع البترولي وان هناك حاجة ماسة وضرورات تفرض نفسها بشكل لا يقبل التاجيل مثل التخطيط الاسترتيجي الشامل من اجل تنمية الموارد البشرية والطبيعية وتنظيم وتحديث الادارة ونقل التكنولوجيا وان اي عمل مهما كان نوعه أو حجمه بحاجة لمسألتين رئيسيتين وهما وضوح الهدف والالية, وهنا يتفق هو واخرين كثيرين في قطاع البترول بان هاتين المسالتين تتفاعلان مع بعضهما بشكل جدلي ومترابط.
بحاح وبعيدا عن اجندة (بقشان) الخاصة يدرك بان ما نهدف اليه هو خلق قطاع اقتصادي بترولي متطور قائم على منهج علمي , وهذا يعني خلق النظم التشريعية والادارية والاقتصادية بحيث تحمل في ثناياها ملامح الطريق الواجب السير فيه والقدرة على تجنب الشوائب والاجتهادات الغير مؤطرة, وهذه هى المهمة الاساسية التي يجب ان يستوعبها (بن نبهان) لوزارة النفط ودورها السيادي في رسم السياسات والاسترتيجيات.
بحاح ايضا يدرك وبعيدا عن نزعته الاستئثاريه (الحضرمية) بانه لكى تتم الحركة في اتجاه تحقيق هدفنا فاننا بحاجة ايضا إلى الالية التي تتوائم مع صعوبة الطريق وتشعباتها وتحدياتها وذلك باقامة الشركة الوطنية اليمنيه للبترول وليست (الحضرميه) كبناء هيكلي ملح وضروري على ان يكون هذا البناء الهيكلي واضح الصلاحيات خال من الازدواجيات والشتات الذي يعيشه قطاعنا البترولي اليوم ,على ان يكون للشركة الوطنية مساحة واضحة للحركة لانجاز مهماتها وعملياتها اليوميه دون وجود قيود بيروقراطية ادارية تتداخل فيها الاختصاصات والصلاحيات مما قد يسبب هدرا للامكانات والوقت ويخلق بيئة خصبة للفساد وانكسار الذات امامه..
بحاح ايضا يدرك ان مسئولية اعادة هيكلة قطاع النفط اصبح ضرورة ملحة وانشاء الشركة الوطنية للبترول تعد مسئولية تاريخية وانه لجرم كبير وخطاء فادح ترك ماهو قائم من شتات في قطاع البترول يسير كيفما اتت الرياح ونرتكب خطاء افدح وافضع عندما ناتي ببدائل تعمل جنبا إلى جنب مع القديم دون ان ندرك بانه يزيد من ذلك الشتات ويؤدي إلى نمو غير متوازن لهيكل اهم قطاع اقتصادي تعتمد عليه بلادنا.