أرشيف الرأي

عندما يحارب الاعراب في زمن ال F16

البعض لا زال يفكر في الحرب بنفس العقلية الاعرابية القديمة التي أنتجت وقادت داحس والغبراء. حروب القرن الحادي والعشرين مختلفة جدا:

- لم يعد لقيم الشجاعة و"الرجوله" دور حقيقي في الحروب التي اصبحت حروبا تقنية تعتمد على عنصر التخطيط والتسليح الأحدث والتواصل الفعال مع الجبهات، والقدرة الاستخباراتيه على جمع المعلومات والاستفادة منها.

"العنتريات التي ما قتلت ذبابه" وادارة الحرب بطريقة الزوامل لا تنتج الا الهزيمة الساحقة للذين لا زالوا يقاتلون تحت امرة كليب في حرب البسوس بالسيوف والبغال.

- لم تعد الحروب الحديثة معنية باحتلال الأرض. لا أمريكا كانت مهتمه باحتلال العراق ولا السعودية مهتمه بالاحتلال الجغرافي لليمن. حروب الماضي كانت مهتمه بالسيطرة على الارض لان الارض كانت تعني الثروة. اما الآن فتهتم الحروب بوضع نظام موال وتجنب المغامرة بالصراع مع الجغرافيا خاصة وان النظام الدولي لم يعد يتقبل مسالة احتلال الأراضي!

- لم تعد الحروب تهتم بتدمير القدرة العسكرية للخصم فقط بل ان تدمير القدرة الاقتصادية والبنية المدنية صار أكثر اهمية في الحروب من تدمير الاسلحة. العراق مثلا سقط في يد الاجتياح الأمريكي بينما الحرس الحمهوري لا يزال في كامل عتاده وقوته البشرية . وكان السبب ان قوات التحالف دمرت الجهاز العصبي للدولة بقصف محطات الاتصالات والكهرباء والمياه والطرق.

حروب اليوم شاملة ووحشية لا تفرق بين المدني والعسكري لهذا كانت اكبر كذبة روجتها عاصفة الحزم انها ستركز على الاهداف العسكرية فقط!
(وسيكون المازق الاخلاقي الاكبر لمؤيدي عاصفة الحزم من اليمنبين هو تبرير الدمار الصخم الذي سيطال البنية التحتيه وارواح المدنيين وسيزيد كلما طالت الحرب واتسعت.)

- لا ينتصر في حروب القرن 21 الا الأغنياء. فالحرب الحديثة توجه كل الطاقات الاقتصادية للدولة نحو الحرب. تعصف الحروب بالاقتصاد وتضخم ميزانيات التسليح والامن. وما لم يكن لدى الدولة احتياطي نقدي واقتصادي ضخم فانها تنهزم في الربع ساعه الاولى من المعركه! في اليمن تمت السيطرة على المجال الجوي في الربع ساعة الاولى وتم استكمال الحصار البحري خلال الـ48 ساعه التاليه وكانت الحرب فعليا قد انتهت بالنسبة لبلد يستورد 80% من احتياجاته من الخارج.

- لا تنتهي حروب اليوم بنهاية العمليات العسكرية. اذا ان "المهزوم" غالبا ما يقع تحت حصار اقتصادي وعسكري طويل من اجل ضمان عدم قدرته على تجديد قدرته العسكرية واعادة تهديد الجيران. بعد الهزيمة ياتي الحصار والتدمير العميق للاقتصاد والمجتمع. حروب اليوم تستكمل بالسياسة ما عجزت عنه بالبندقيه.

هذه خواطر أوليه اقدمها لمؤيدي عاصفة الحزم ولمؤيدي حرب الزوامل الحوثية ضد الخارج لانهم لا زالوا يفكرون في الحروب بنفس عقلية الناقة والعنتريات الكاذبة وبنفس المنطق القبلي الساذج (عاد بعد الحرايب عافيه).

نحن في زمن اصبحت الحروب فيه علم وصناعة واقتصاد ومال ودبلوماسية، والاهم من هذا كله توريط شامل للمدنيين وللبنية التحتيه في دمار شامل. وعندما يحارب الفقراء فان حربهم لا تنتهي الا بنتيحة واحدة مضمونه سلفا...الهزيمه!

زر الذهاب إلى الأعلى