شعر وأدب

في رثاء محمد عبدالقادر عطية

قصيدة ناجي عوض عطية في رثاء محمد عبدالقادر عطية الذي رحل عن عالمنا


دَنا الليلُ والأحزانُ غيمٌ على سَبَا
فَمَن لَمْ يَمُتْ بِالحَربِ، مَاتَ مِنَ الوبَا!

كأنَّ علَى قَلبي مِنَ الهمِّ صَخرَةٌ
تلقيتُها عِندَ استماعيَ لِلنّبَا

أُسائِلُ نَفسي: أينَ أمضي بِدمْعَتي
وخَوفي الذي مِن كُلِّ فَجٍّ تَكالبَا!

تَسَلَّقتُ جُدرانَ الرجاءِ بِدعوةٍ
تَمنيتُ لو أضحى مَماتُكَ كاذِبَا

لَكَ اللهُ.. إنَّ الفَقدَ فَوقَ استطاعَتي
ولا كُنتُ يَوماً لِلخسارةِ حَاسِبَا!

ولا خِلتُ أنِّي للفجيعةِ قادِمٌ
وأنتَ لنا الحَظُّ الذي كانَ غائِبَا

وأنتَ الذي إن ضَاقَ قَلبٌ بِحُزنِهِ
تَصيرُ لَهُ بَحراً .. وكَفّاً وقارِبَا

ولا كُنتُ وحديَ مَن تَساقَطَ بِالأسى
ولا وحديَ الباكيْ الذي داخَ جانِبَا

بَكتكَ عُيونُ الناسِ في كُلِّ مَسلَكٍ
وقَد كُنتَ للمُحتاجِ عَوناً وصاحِبَا

بَكتكَ رِكابُ الحَزمِ والعزمِ والندَى
بَكتكَ ميادينُ الشجاعةِ والإبَا

بَكتكَ دِيارٌ لَمْ يَسعها بُكاؤها
وقَد كُنتَ مَن واسى وأعَطى وطَبّبَا

تَقَدَّمتَ عَن كُلِّ الصُفوفِ بِهمةٍ
بِكَ الدينُ والأخلاقُ والمَجدُ أُوجِبَا

*
"مُحِمَّدُ": قُلْ لي.. أيَّ قَلبٍ حَملتَهُ
لِتأسى عَليكَ الأرضُ والدورُ والرُّبَى؟

ويَرثيكَ حَتى مَن غَزا الشَيبُ رأسَهُ
ويَرثيكَ مَن لازالَ في مَرتَعِ الصِّبَا

لِأنكَ إنسانٌ بسيطٌ وواسِعٌ
تَسامَت بِكَ الأخلاقُ قَلباً وقَالِبَا

نَزَعتَ رِداءَ الخوفِ عَن كُلِّ خائفٍ
وكُنتَ لِكُلِّ الظالمينَ مُغاضِبَا

فَكَم مِن قلوبٍ للقُساةٍ غليظةٍ
صَنعتَ لَها نَبضاً ..وليَّنتَ جانِبَا

نُحِبُّكَ واللهِ، ومِن صِدقِ ما بِنا
كأنَّكَ غَيثُ اللهِ في الأرضِ صَيِّبَا

ومَن ذا - ورَبِّي- لا يُحِبُّ "مُحِمَّداً"؟
وقَد كانَ إنساناً عَظيماً وطَيِّبَا؟

*
سَلامٌ لِصوتٍ لَمْ يُغادِرْهُ مَسْمَعي
الجَهوريُّ إن نَادى وحَيَّا ورَحَّبَا

ألا لَيتَ لَو يُجدي الحَنينُ مُرَوَّعاً
تُقَطِّعهُ الذِكرى.. وتُلقيهِ لِلْهَبَا!

وقفتُ ألوكُ الصَمتَ مِن ظُلمةِ الأسى
بِفقدِكَ باتَ الحزنُ للقلبِ مَذهبَا

كأنَّ خُطى حَرفي مِنَ الحُزنِ طَاعِنٌ
إذا قامَ في شَيءٍ تعثَّرَ.. أو كَبَا

إذا لَم أكُنْ في صورةِ الماءِ دَمعةً
تَراني فَكُن لي في مَدارِكَ كوكَبَا !

لَكَ الآنَ أن تَرتاحَ في خَيرِ مَنزلٍ
وَلي أن أعيشَ اليُتمَ عُمري مُعذَّبَا

عَليكَ سَلامُ اللهِ مَا لاحَ بارقٌ
وماكانَ هذا البرقُ.. للماءِ ساكِبَا

2021/5/6

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى