آراء

إبليس أُس 10

عبدالرزاق الحطامي يكتب حول: إبليس أُس 10


كان ادّعاء إبليس الخيرية الخَلْقية فوق آدم على درجة من المنطق المعياري والمقارنة القياسية الدقيقة من وجهة نظره الشخصية، حيث تتباين مادة الخلق بين الشيطان والإنسان، وشتان ما بين النار والطين في الطبيعة والجوهر، ووسط مجال الاختلاف يتحرك مؤشر التفاوت في قيمة الأشياء والمواد والصفات، ولهذا فادعاء إبليس نشأ من مسافة الفراغ بين مختلَفَين ماديين، كاستنتاج خاطئ، لكنه مبرر وعلى قدر من العقلانية.
ومع ذلك استحق إبليس عقوبات مشددة ومؤبدة وهي فريدة من نوعها في تنويعات العقاب الإلهي، من طرد ولعنات مستدامة من الله والمؤمنين وخزي مقيم و مخلد في الدنيا والآخرة، وقد كان إبليس قبل إشهار بيان الاستكبار من صف الملائكة المقربين وهو ليس من جنسهم النوراني الكريم.
وها هو إبليس -لعنه الله- الأسوأ سمعة عالمياً والأقبح صيتا واسما وذكرا في التاريخ وعموم الديانات السماوية، وللمؤمن لعنته إياه على الدوام والتعوذ منه تقربا إلى الله، في عملية تشهير وتعزير وتحقير قائمة إلى يوم القيامة، جزاء على استكباره بجنسه الناري على الجنس البشري الطيني، وإن كان البون شاسعا بين مادتيهما في الأهمية العلمية والجدوى العملية، حيث تترجح أفضلية المادة في ميزان المعايرة الكيميائية والخصائص الفيزيائية إلى كفة النار التي جعلها الله متاعاً للمقوين، ومعادلاً هاماً في تهذيب الحمأ المسنون برائحته النتنة إلى طبيعته الصلصالية (الفخار) وهي مادة الخلق البشري.
أما أنت يا من تدعي أفضلية طينك على الطين ذاته، ورجحان التراب على التراب نفسه، بدعاوى أنك من آل البيت وابن محسوبية السماء كما تزعم، وهي لعمري قناع كل مقطوع من شجرة، مجهول الهوية، عديم النسب والحسب، فأنت -لزاماً على كل مؤمن ومؤمنة- خليق باللعن الأبدي وقمين بالاستعاذة بالله منك، ومن شر ادعائك الرجيم، قبل إبليس وجنده، على أن يكون ذلك بعشرة أضعاف مقدار الاستعاذة بالله من الشيطان الناري، وعشرة أضعاف اللعنات والبصقات التعبدية على إبليس الذميم، وعلى أن تكون أنت قبله أولاً في مقام الرجم، والأسبق استحقاقا للعن ورمي الجمرات، وركلات النبذ المخلد مع بصقات المؤمنين اليمنيين قبل كل سواك، وبعد كل أكل وصلاة.
تبا وسحقا لك أيذاك الدعي الرجيم!، كيف جعلت من نفسك تجسيداً أشر إبليسية وشيطانية من الشيطان الأكبر الذي لو كان من طين لما فسق في ظني عن أمر ربه، فالشيطان يفكر.
وكيف لك أن ارتديت وجها صلفا من حافر حصان يا سليل الآل والسراب! لتدعي امتياز نطفتك البشرية بلا حياء وخجل، وقداسة مائك المهين باستجراء وقح على أبناء جلدتك وطينتك وما أنت من نار ولا أمك من نور، وما جرت نطفة أبيك البيولوجي في غير مجرى أنبوب الصرف الصحي لمني الجسد ومائه السام، ما كان لك أن تتوقح هذه الصفاقة التي تثير هزئي عليك، ولعناتي أيضًا، إذ تدعي أفضلية الطين على الطين بنفس جنسه، ذاتا ومادة،
وقد علمت أنت عن نفسك أنك لست إلا باثروم متحركاً بكل عاذورة مستقذرة، وأنه لا يجدر بك أن تتعلق بوهم الخيرية الخلقية على أبناء جنسك مهما كانت الحاجة السياسية إلى ذلك، فقد كان الأنبياء بشريين أمثالنا ومن جنس طينتنا، يمشون في الأسواق و"يأكلون الطعام" في إشارة قرآنية لطيفة إلى ما خرج من البطن لا ما دخل في الفم.
دعك من هذا الهراء يا المسكين!! وحتى في حال حدثت معجزة كونية أحالت خلطة طينك إلى عجينة كاكاو في عملية انتخاب طبيعي متطور لمادة خلقك، وثبت لنا علميا أنك تتبرز شوكولاتا، فلست بأفضل منا إلا بالتقوى.

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى