آراء

الرهائن وعيال طالب

د. أروى الخطابي تكتب حول: الرهائن وعيال طالب


بينما كان العالم في القرن العشرين يحارب العبودية ويحاصر منابعها برا وبحرا، ويغلق أسواق النخاسة ويشرع المساواة والعدالة والأخوة الانسانية بقوانين حقوق الإنسان الصادرة من الأمم المتحدة التى تقول يولد الناس أحرارا متساوين..

في الوقت الذي ألغت الولايات المتحدة العبودية وأنهت أوروبا الإقطاع وظهرت نظرايات المساواة الإنسانية، كانت اليمن التى خرجت للتو من تحت الاحتلال العثماني، تخضع لأسوأ نظام استعباد في التاريخ.

نظام أدنى من العبودية بمراحل كثيرة.. إنه نظام لم يعرفة العالم أبدا بالرغم أنه كانت هناك الكثير من الأنظمة المستبدة.

لقد اعتمد الأتراك على سبيل المثال نظام الانكشارية وهو أن يتم أخذ طفل صغير من العائلات في الولايات التى تحت سيطرة الدولة العثمانية وكان يتم تربيته وإعداده وتدريبه ليكون في المستقبل قائدا كبيرا في الجيش. هذا مثال للأنظمة التى تنتزع الصغار من أمهاتهم وأسرهم ليكونوا قادة عسكريين مدربين تدريبا عاليا.

أما في اليمن فقد استحدث الأئمة نظام الرهائن. وفي هذا النظام الإجرامي يقوم الإمام بأخذ أصغر طفل لشيخ القبيلة حتى لا يثور الشيخ على الإمام. وكان الطفل الذي يتم أخذه إلى سجون الإمام يسمى رهينة الطاعة. لأن الشيخ يخاف على صغيره فيلتزم طاعة الإمام!

كان يتم تكديس الأطفال الصغار في سجون وأماكن مظلمة وقذرة وكان يتم إعطاؤهم القليل من الأكل المتعفن.

وجدت بعض الوثائق التى يطلب فيها مأمور الإمام من أحد الأمراء أن يوافق على صرف مبلغ بسيط للرهائن ليشتروا ملابس لأن ملابسهم أصبحت متعفنة ولا يجدون ملابس أخرى يلبسونها أثناء غسل الملابس المتسخة.

آلاف الأطفال تم معاملتهم معاملة قاسية جدا في ظل نظام لا أخلاقي ولا إنساني. وكان على كل شيخ أن يبادر بإرسال رهائن الطاعة حتى يثبت ولاءه للإمام، الذي كان يخشى أن تثور عليه القبائل.

ظل نظام الرهائن حتى قامت الجمهورية الخالدة في 26 سبتمبر 1962. لقد أذاق هذا النظام الإجرامي اليمنيين الأمرين. ولعل أهم من كتب حول الرهائن هو الروائي اليمني الكبير زيد مطيع دماج في روايته (الرهينة) والتى وصلت إلى مصاف الروايات العالمية لما اتسمت به من واقعية.

لقد تم تجهيل وإذلال واستعباد الصغار وحرمانهم من أمهاتهم في سن الطفولة. لذلك ظهر البيت الشعري الأشهر في رواية زيد مطيع دماج (الرهينة):

يا رهينة قد امش فاقدة لش
دمعها مثل المطر

كان الأطفال الصغار يشتغلون خدما عند حريم الإمام ويسمى الطفل الصغير بالدويدار لأنه يدور في غرف الحريم لخدمتهن دون أن يحتجبن منه وهو ما يسّر للراوي الكبير زيد مطيع دماج معرفة أسرار حريم الإمام.

ان نظام الرهائن الإرهابي عاد بحجر٧ وبشجره شكلا ومضمونا. إذا كانت الإمامة الأولى سمتهم رهائن الطاعة فإن الإماميين الجدد سموهم رفد الجبهات.

أمس وأنا أتأمل صورة جمع الزكاة في إحدى مناطق اب ونوع المواد التى خذت منها زكاة فكانت:
50 مليون ريال
250 رأس غنم
600 طلقة
500 مجند بعد الثانوية

تخيلوا..250 رأس غنم وضعفها أي 500 رأس إنسان في آخر قائمة الزكاة!!

تأملت قائمة الزكاة المرعبة هذه وأدركت مدى أهمية الحراك القومي أقيال وعباهل وملاجمة وفضائلة (نسبة إلى على ابن الفضل) ودعائم إلى آل الدعام.

يجب التحرك الجماعي من أجل كرامتكم. فإذا كان الموت هو الموت، فلماذا تموتون عبيدا ورهائن وخدما ودويدارات في مقام الحيوانات؟!

عناوين ذات صلة:

زر الذهاب إلى الأعلى